569
0

التاريخ المغربي من النشأة إلى الإستقرار تحت راية الدولة العلوية

569
0

التاريخ المغربي كدولة عريقة يتطلب مجلدات ومجلدات، لكن سنحاول تقصي أبرز محطاته بلمحات سريعة تاركين لدارسي تاريخ المغرب المتخصصين الاسترسال و البحث و التقصي في تاريخ الممكلة المغربية التي تقع في الشمال الغربي للقارة الأفريقية وهي جزء من بلدان المغرب العربي.

التاريخ المغربي هو تشكيل متناغم بين استمراره عدة آلاف من السنين على خط الثقافة واللغة الأمازيغية واستمرارية النظام الملكي تحت راية الدولة العلوية، ومن ناحية أخرى يبدو المغرب كنقطة التقاء للعوالم الأفريقية، و الشرقية والأوروبية، وهو بذلك بوتقة الحضارات، و الامبراطوريات الفينيقية والرومانية القديمة.

تمت أسلمة المغرب في القرن الثامن ثم عاش تعريبا تدريجيا، وكان من أبرز أهداف الإمبريالية الأوروبية، قبل أن يستعيد استقلاله الكامل في عام 1956، وتشرع الدولة العلوية الحديثة في صناعة التاريخ المغربي المشرق.

التاريخ المغربي القديم

عزى المؤلفون القدامى وجود المغرب إلى القرن الثاني عشر خلال فترة الاستعمار الفينيقي، على الرغم من الأدلة الأثرية لكنها لا تعطي تأريخا مؤكدا إلا خلال القرن السابع قبل الميلاد.

أسس الفينيقيون مراكز تجارية على سواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وكانت المدن الفينيقية الرئيسية ليكسوس (العرائش)، موغادور (الصويرة) وسلا (قرب الرباط).

استقر القرطاجيين بدورهم في القرن السادس قبل الميلاد.

القصة الشهيرة المعروفة باسم طواف هانون تحكي الحملة البحرية التي قادها القرطاجيون (قرطاج بين 475 و 450 قبل الميلاد)، والتي وصلت إلى خليج غينيا، التوليفة الناجحة بين الحضارة البربرية القديمة والحضارة الفينيقية التي أنجبت الحضارة الموريتانية.

في اتصال مع روما ولكن ليس تحت سلطانها، فقدت المملكة استقلالها إبان فترة كاليجولا في 40 قبل الميلاد، للاستيلاء على ثروته، قتل الطاغية كاليجولا بطليموس في روما.

بعد حرب قاسية أصبحت المنطقة مقاطعة من الامبراطورية الرومانية، وموريتانيا الطنجية سميت عاصمتها طنجيس (في وقت لاحق طنجة)، كما تم اخضاع شمال الأراضي المغربية الحالية.

استند ازدهار هذه المقاطعة على استغلال الموارد الطبيعية (المأكولات البحرية، زيت الزيتون)، وتطوير التجارة وبناء المدن الأكثر شهرة وليلي بالزخارف المنحوتة والفسيفساء واللوحات.

في 285، و لأسباب لا تزال غير واضحة، تخلت الإدارة الرومانية عن معظم الأراضي التي تم ضمها.

في المقابل، المسيحية واضحة إلى حد ما في المدن خلال القرنين الثالث والرابع.

نفوذ روما لم يتغلغل عميقا في طبيعة السكان، على الرغم من وجود عدد من العلامات التجارية، مثل استخدامها التقويم اليولياني في الاعمال الزراعية.

في المقابل، المسيحية، واضحة إلى حد ما في المدن خلال القرنين الثالث والرابع.

استمر الوجود الروماني فقط في منطقة طنجة لحين وصول المخربين الوندال سنة 429.

بعد سقوط روما، حاولت الإمبراطورية البيزنطية عبثا السيطرة بشكل دائم على موريتانيا.

أسلمة المغرب

الحدث الذي سجل حتى اليوم في تاريخ المغرب في القرن السابع الميلادي:

الفتح العربي والأسلمة، إذ كان دخول المسلمين إلى المغرب مع ذلك أبطأ بكثير و بصعوبة أكثر من أماكن أخرى بسبب مقاومة قوية من السكان الأمازيغ، و لكن تحول أعداد كبيرة منها إلى الإسلام هو الحقيقة الواضحة.

مرت ثلاثين عاما بين أول غزو عربي من قبل عقبة بن نافع، الذي وصل إلى المغرب في 681، وغزو اسبانيا عام 711 من قبل طارق بن زياد المازيغي الي دخل الإسلام.

ثار الأمازيغ عدة مرات ضد الحكام العرب والخليفة في بغداد، ولكن من الجدير بالملاحظة أن العديد من هذه الانتفاضات الأمازيغية عبر التاريخ قد وجهت ضد العرب، وليس ضد الإسلام.

في معظم الحالات، أصبحت هذه الحركات تحت اسم الإسلام، ثورة الخوارج في منتصف القرن الثامن، عبر تطلعات المساواة بين الأمازيغ والعرب.

الأدارسة أول دولة مغربية

بعد أن نجا مولاي إدريس سبط النبي الكريم محمد من مذبحة العباسيين، أسس دولة الأدارسة (القرن الثامن إلى التاسع) بعد أن لجأوا إلى المغرب في 786، واستقروا في وليلي و أصبح زعيم قبيلة أوربة.

بعد اغتياله، بناء على أوامر من الخليفة في بغداد، خلفه ابنه مولاي إدريس الثاني وقام بتوسيع مجال الإسلام في البلاد و عمل على تأسيس مدينة فاس.

أصبحت فاس أول عاصمة للمغرب، المدينة الاقتصادية والاجتماعية والدينية والفنية الكبيرة ذات توليفة رائعة من التأثيرات الايبيرية الشرقية و الإنجازات المعمارية العظيمة مثل مسجد القرويين والأندلسيين في مدينة فاس.

في القرن التاسع، وبعد وفاة محمد بن مولاي إدريس الثاني، تم تقسيم المغرب العربي الغربي إلى عدة ممالك صغيرة متنافسة.

دولة المرابطين خلال القرنين الحادي عشر و الثاني عشر

انتظرنا حتى القرن الحادي عشر قبيلة من بدو الصحراء، المصلحين الدينيين والمحاربين تسمى المرابطون، الطامعين في إقامة إمبراطورية واسعة في الصحراء،

رجال الدين المحاربين الذين ينتمون إلى قبيلة أمازيغية صنهاجية يحاولون نشر مفهومهم للدين الإسلامي الصارم.

في 1062، أسسوا عاصمة جديدة سميت بمراكش، حيث استطاع يوسف بن تاشفين للمرة الأولى توحيد المغرب كمحطة أساس من محطات التاريخ المغربي، واخضع مسلمي اسبانيا والسودان ايضا، وسارت حملته إلى مملكة غانا.

إثر وفاة ابنه علي، كسرت وحدة المرابطين في المملكة وفي عام 1147، ظهرت مملكة الموحدين التي سيطرت على مراكش.

الدولة الموحدية (القرن الثاني عشر-القرن الثالث عشر)

انطلاقا من تنمل بالاطلس الكبير و تحت قيادة المصلح الديني الكبير والناقد للأخلاق محمد بن تومرت، استولى الموحدون على مراكش (حيث قاموا ببناء مسجد الكتبية) بنوا أسوار الرباط وامتدت سلطتهم إلى كامل شمال أفريقيا.

أسسوا امبراطورية واسعة تشمل كل الغرب الاسلامي، وهذا يعني أن كل أمازيغ الأطلسي في قابس، ومسلمي اسبانيا توحدوا حول أمير المؤمنين، وهو لقب أبو يوسف يعقوب المنصور .

بعد قرن من الزمان، بدأت دولة الموحدين في الاضمحلال، إذ في أوائل القرن الثالث عشر، شهدت مملكتهم الهزائم في اسبانيا والمغرب الشرقي، وسقوط مكناس وفاس والرباط ومراكش بدورها، وتونس و مملكة تلمسان (غرب الجزائر).

الدولة المرينية و الوطاسية (القرن الثالث عشر إلى السادس عشر)

المرينيون هم بدو زناتة القادمين من مرتفعات شرق المغرب، أقاموا عاصمة أسموها فاس الجديد، التي تأسست في 1276 من قبل أبو يوسف يعقوب المدافع الكبير عن العقيدة الدينية، و الذي شرع في بناء وتجديد بناء العديد من المساجد والمدارس الدينية.

الرحالة ابن بطوطة والمؤرخ ابن خلدون من الشخصيات العظيمة في هذه الفترة الرائعة من فترات التاريخ المغربي التي راحت ضحية لصراعات دامية، ضعفت بعد وفاة أبي عنان عام 1358.

في القرن الخامس عشر، ظهرت الدولة الوطاسية بعد ضعف الدولة المرينية و اختفاءها في نهاية المطاف (1472)، وفي نفس الحقبة أصبحت أهداف الامبريالية أوروبا أكثر وضوحا على إثرها تولت البرتغال حيازة سبتة (1415) وطنجة (1471) ومراكز تجارية تم إنشاؤها على ساحل المحيط الأطلسي بأكمله.

الاسبان بعد تعافي مملكتهم نصبوا أعين أطماعهم على المغرب، وبدورهم عبروا مضيق جبل طارق واستقروا في مليلية (1497).

الهيمنة الايبيرية أشعلت حركة مقاومة وطنية، عززت من المثل الأعلى للجهاد وبدعم من قيادات الصوفية الدينية بدأ ظهور قوة الشرفاء السعديين.

الدولة السعدية (القرن السادس عشر إلى السابع عشر)

نشأت في وادي درعة، بعد القضاء على الوطاسيين، تمكنت من الحفاظ على الاستقلال الذي هدده كل من الأوروبيين والأتراك.

سيطروا على تارودانت وسوس بأكمله، ومراكش، و فاس، وانهو التواجد البرتغالي في المغرب بعد المعركة الشهيرة وادي المخازن .

أسسوا عاصمتهم الجديدة في مراكش، التي عرفت الإبداعات الفنية المشرقة والغنية، والتي كان أبرزها قصر البديع .

في 1603، بعد وفاة أحمد المنصور الذهبي، وسمي ب “الذهبي” بسبب ثروته العجيبة، بدأت الفوضى وأصبح للصوفية تأثيرا على نحو متزايد. مرة أخرى، تم تقسيم البلاد إلى عدة إمارات حتى ظهور سلالة الشرفاء العلويين في منتصف القرن السابع عشر.

العلويون

كان منشأهم تافيلالت وهم من نسل سيدنا علي، أسس العلويين دولتهم التي ستطبع التاريخ المغربي بالإستقرار تحت راية واحدة و التي لازالت سائدة منذ القرن السابع عشر، و أشهر ملوكهم مولاي إسماعيل الذي حكم البلاد لمدة خمس وخمسين عاما (1672-1727). أعاد تنظيم المغرب، وأكد التهدئة بعد أن قاد سلسلة من الحملات العسكرية ضد القبائل المتمردة، .

عزز هيمنة السلطة المركزية، والمخزن التي يعود اصلها إلى الكلمة الفرنسية magasin ضدا على سلطات القبائل المحلية التي ترفض التوحد تحت استقلال تضمنه ا دولة العلوية.

الملك الباني، أسس وثبت مكناس عاصمة له، وشكل موته بداية فترة مضطربة في تاريخ المغرب: ثورات الجبل و الطرق الدينية الصوفية، وسنوات من الجفاف والمجاعة والأوبئة (وخصوصا وباء الطاعون في 1797-1800) تسببت في انهيار سكاني لهول الوفايات…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *